يافع الحدث / نور علي صمد
إحاطة الرابطة حول تشخيصها للتحديات الرئيسية التي تواجه المنظمات المدنية، والذي قدمته رابطة معونه لحقوق الإنسان في جلسة الاستماع متعددة الأطراف التي عقدت في نيويورك بالامم المتحدة استعداداً لعقد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FfD4)في إسبانيا عام ٢٠٢٥ . ونلخصها في الاتي
1. التحديات المالية والتمويل المستدام
•تذبذب التمويل: تعتمد غالبية المنظمات المدنية على التبرعات والمنح القصيرة الأمد، التي غالبًا ما تأتي بشروط صارمة من المانحين. هذا يعوق التخطيط الاستراتيجي على المدى البعيد ويعرض هذه المنظمات لخطر نقص التمويل في أي وقت. يشير تقرير تمويل التنمية إلى الحاجة لابتكار آليات تمويل أكثر استدامة لدعم قدرة المنظمات على مواصلة مشاريعها وتحقيق تأثير مستدام .
• التركيز المحدود للتمويل: يجد العديد من المانحين أولوية لتمويل المشاريع ذات التأثير الملموس السريع، مثل الخدمات الصحية والتعليمية، بينما يتم تجاهل القضايا ذات الطبيعة الحقوقية أو البيئية، مما يقلل من قدرة المنظمات على معالجة التحديات الهيكلية طويلة الأمد .
2. القيود التنظيمية والقانونية
• التشريعات التقييدية: في بعض الدول، يتم فرض قوانين تقيّد عمل المنظمات المدنية، وتضع عقبات على التمويل الأجنبي أو الأنشطة المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية. تفرض بعض الحكومات متطلبات ترخيص صارمة، مما يعوق أنشطة المنظمات ويحد من استقلاليتها. يتفاقم هذا الأمر في المناطق التي تُعتبر فيها القضايا المطروحة حساسة من الناحية السياسية .
• الرقابة والإشراف المفرط: قد تجد المنظمات نفسها تحت الرقابة المستمرة من السلطات، حيث تُجبر على تقديم تقارير دورية مفصلة، مما يستهلك الموارد والوقت ويفقدها جزءًا من فعاليتها في تحقيق أهدافها .
3. البنية التحتية الرقمية ونقص التكنولوجيا
• الافتقار للأدوات الرقمية: تجد العديد من المنظمات، خاصة في الدول النامية، صعوبة في الاستفادة من الأدوات الرقمية اللازمة لتنسيق عملها بشكل فعال، كإدارة البيانات والتواصل مع المجتمعات المستهدفة، مما يؤثر على قدرتها على تقديم خدمات متميزة وبناء شبكات فعّالة .
• الأمن السيبراني: يعدّ ضعف الأمن السيبراني من التحديات البارزة، حيث تفتقر بعض المنظمات إلى الحماية الإلكترونية، مما يعرض بياناتها وبيانات المستفيدين للخطر، لا سيما في المناطق التي تشهد أنشطة مراقبة إلكترونية من قبل الحكومات أو مجموعات أخرى .
4. نقص المهارات والكوادر المتخصصة
• صعوبة الحصول على الكفاءات: تواجه المنظمات المدنية صعوبة في جذب الكوادر المتخصصة في مجالات مثل الإدارة المالية، وجمع التبرعات، والتخطيط الاستراتيجي، مما يؤثر على أدائها وكفاءتها. يعود هذا النقص غالبًا إلى القيود المالية التي تمنعها من توفير رواتب تنافسية أو فرص تدريبية كافية .
• نقص القدرات التدريبية: قلة الموارد المخصصة للتدريب والتطوير الوظيفي تعوق تحسين مهارات العاملين في المنظمات، مما يحد من قدرتهم على التكيف مع المتغيرات وتبني تقنيات ووسائل حديثة في عملهم .
5. التحديات الأمنية والسياسية
• بيئات العمل عالية الخطورة: تعمل بعض المنظمات المدنية في مناطق متأثرة بالنزاعات أو تحت ضغوط سياسية وأمنية، مما يعرض موظفيها ومقراتها للخطر. في بعض الحالات، تُعاق منظمات المجتمع المدني في الوصول إلى المجتمعات المستهدفة وتقديم خدماتها بسبب الظروف الأمنية .
• الضغط السياسي والاعتداءات: في بعض الدول، يتم استهداف العاملين في المنظمات المدنية من خلال المضايقات أو الاعتقالات، وقد يتعرضون لحملات تشويه تقودها جهات معارضة لأهدافهم. هذه التحديات تعيق نشاطات المنظمات وتحدّ من تأثيرها .
6. تحقيق التأثير والاستدامة على المدى الطويل
• التأثير المستدام: يواجه العديد من المنظمات صعوبة في تحقيق استدامة طويلة الأمد في مشاريعها، حيث أن المشاريع التي يتم تمويلها بتمويل قصير الأجل غالبًا ما تواجه مشكلة في تحقيق أهدافها بعد انتهاء فترة التمويل. يبرز هذا التحدي خصوصًا في المشاريع التي تحتاج إلى وقت طويل لتحقيق تأثير ملموس .
• ضغوط مؤشرات الأداء: قد تتعرض المنظمات للضغط لتحقيق نتائج قصيرة الأجل لإرضاء المانحين، ما قد يقود إلى تجاهل القضايا الأعمق التي تحتاج إلى معالجة طويلة الأمد، مثل تطوير السياسات العامة أو دعم الاستقرار الاجتماعي .
من خلال تسليط الضوء على هذه التحديات، يمكن تعزيز فهم أعمق لدور المجتمع المدني والحاجة إلى دعم تمويل مستدام وبيئات تنظيمية مرنة تعزز من كفاءته في تحقيق التنمية الشاملة.
حيت نجد هناك العديد من المقترحات المعالجة للتحديات
ولتعزيز قدرة المنظمات المدنية على مواجهة هذه التحديات، يمكننا في رابطة معونه اقتراح مجموعة من المبادرات المحددة التي ستساهم في تحسين أدائها وتوسيع نطاق تأثيرها على المدى الطويل، وذلك على النحو الآتي :
1. إنشاء صناديق تمويل مستدامة ومبتكرة
• تنويع مصادر التمويل: ينبغي للمنظمات المدنية التركيز على تنويع مصادر دخلها لتشمل الشراكات مع القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل التنموية، والمنصات الإلكترونية للتبرعات. يمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم حوافز للقطاع الخاص للمساهمة في المشاريع التنموية والاجتماعية مقابل إعفاءات ضريبية أو شراكات مع حكومات محلية .
• تعزيز التمويل المختلط: اقتراح إدخال آلية تمويل مختلط تجمع بين التمويل العام والخاص، مما يساهم في تخفيف التحديات المالية وتوسيع نطاق المشاريع التي يمكن أن تنفذها المنظمات .
2. تعزيز الإطار القانوني وحماية حقوق المنظمات المدنية
• الدعوة إلى تبسيط التشريعات: العمل مع الحكومات لضمان تشريعات تسهل عمل المنظمات، وتقلل من القيود على التمويل الأجنبي وتبسط إجراءات التسجيل. هذا يتطلب حوارًا منظمًا بين المنظمات المدنية وصناع القرار لتعزيز بيئة قانونية شفافة .
• الدعوة لإطار دولي لحماية العاملين: الضغط لإنشاء إطار دولي يحمي العاملين في المنظمات المدنية من المضايقات السياسية والأمنية، وخاصة في الدول التي تعاني من بيئات سياسية مضطربة، وذلك من خلال منظمات مثل الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان .
3. الاستثمار في التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية التقنية
• إقامة شراكات تقنية: بناء شراكات مع شركات التكنولوجيا للحصول على دعم رقمي يساعد في تعزيز كفاءة المنظمات، مثل تقديم حلول للأمن السيبراني وأدوات لتحليل البيانات وإدارة المشاريع. يمكن أن يتم ذلك من خلال برامج المنح التقنية أو التعاون المباشر مع شركات التكنولوجيا .
• التدريب على التكنولوجيا الرقمية: إطلاق برامج تدريبية داخلية لتعزيز مهارات العاملين في المنظمات، بما يساعدهم على استخدام أدوات رقمية فعالة في التواصل والإدارة. يجب التركيز على بناء القدرات الرقمية للمساهمة في تحسين التواصل مع المجتمعات المستهدفة وتنفيذ المشاريع بشكل أكثر فعالية .
4. بناء القدرات وتطوير الكوادر البشرية
• برامج تبادل الخبرات: اقتراح برامج شراكة وتبادل بين المنظمات المدنية في مختلف الدول لنقل الخبرات وبناء القدرات. يمكن أن يتضمن ذلك تدريب الموظفين وتبادلهم بين المنظمات في البلدان المختلفة بهدف تبادل المهارات والتعلم من تجاربهم .
• إقامة برامج تدريبية مشتركة: توفير برامج تدريبية تركز على تطوير المهارات في إدارة المشاريع وجمع التبرعات وبناء الشراكات. يمكن التعاون مع مؤسسات أكاديمية أو منظمات دولية لتمويل هذه البرامج وضمان استمراريتها .
5. تعزيز الشفافية وتوسيع الأثر طويل الأمد
• إنشاء منصات شفافة للمساءلة: من المهم إنشاء منصات شفافة للتواصل مع المجتمعات المستهدفة وعرض التقارير المالية والإنجازات. تسهم هذه الخطوة في بناء الثقة مع المجتمع والمانحين وتزيد من مصداقية المنظمات .
• وضع استراتيجيات استدامة: يجب أن تركز المنظمات على إعداد استراتيجيات واضحة لتحقيق تأثير مستدام بعد انتهاء التمويل، وذلك من خلال التركيز على بناء قدرات المجتمعات المحلية لتمكينها من مواصلة المشاريع بعد انتهاء الدعم الخارجي .
6. توسيع التعاون الدولي والإقليمي
• إقامة شبكات تعاونية إقليمية: تشجيع بناء شبكات إقليمية تجمع المنظمات المدنية ضمن إطار تعاوني لتحقيق الأهداف المشتركة وتبادل الموارد والخبرات. على سبيل المثال، يمكن بناء شبكة من المنظمات في منطقة واحدة لتنسيق الجهود ومعالجة التحديات المشتركة كالتغير المناخي أو الهجرة .
• الانضمام إلى التحالفات العالمية: يمكن للمنظمات الانضمام إلى التحالفات الدولية المتخصصة، التي توفر الدعم والتوجيه وتعزز فرص الوصول إلى تمويل ومناصرة أكبر من قبل جهات دولية مؤثرة، كالاتحاد الأوروبي أو البنك الدولي .
بتنفيذ هذه المقترحات، تستطيع المنظمات المدنية تحسين قدراتها وخلق بيئة عمل أكثر استدامة، مما يمكنها من مواجهة التحديات المعاصرة وتحقيق أهدافها التنموية بشكل فعّال.